▪︎ مجلس نيوز
تحرص السعودية منذ قديم الزمان على راحة الحجاج وتهتم بتطوير الخدمات المقدمة لهم عاما بعد عام، حتى وصلت إلى خدمات متطورة وحديثة، بفضل جهود الدولة الكبيرة والمستمرة، التي تحرص على التوسع في مشاريع الحج، وجعلها نموذجية، باعتبار الحج من أركان الإسلام، الذي يفد ملايين من المسلمين لأدائه.
وفي مثل هذه الأيام تسخر السعودية جميع إمكاناتها الخدمية والبشرية لحجاج بيت الله، حتى يتفرغ الحاج للعبادة بكل يسر وسهولة، فلا يقلقه مأكل، ولا تشغله صحة، أو يبحث عن مأمن، ونرى كيف يقوم آلاف من العاملين في أعمال الحج من جميع الأجهزة الحكومية الأمنية والصحية، وغيرهم، بتنفيذ توجيهات القيادة السعودية لتقديم صورة نموذجية للعمل الإنساني، وحفاظا على الصورة الرائعة التي توارثوها جيلا بعد جيل، منذ عهد الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه.
ومع الجائحة، التي تمر اليوم بالعالم وأثرت تداعياتها في جميع القطاعات والنشاطات، ولم تستثن أي دولة من العالم، كانت السعودية رغم هذه الظروف الصعبة، التي تعطلت فيها الأعمال والنشاطات، تستنفر جهودها وتجربتها في خدمة الحجيج، لاستمرار أداء هذه الشريعة المهمة، رغم الظروف الصحية الحرجة، من خلال تطبيق إجراءات احترازية محكمة وغير مسبوقة، لضمان صحة الحجيج من هذه الجائحة التي عصفت بالعالم أجمع.
ولا شك أن جائحة كورونا أجبرت العالم كله على اتخاذ الإجراءات الاحترازية، خاصة في حالة التجمعات والحشود الكبيرة التي تتزاحم في مكان واحد، وقد شهد العالم كيف أن تجاهل مثل هذه الاحترازات أو التساهل فيها يقود إلى موجات جديدة من انتشار فيروس كوفيد – 19، بل تسبب ذلك التساهل في تحور خطير، إضافة إلى زيادة عدد الإصابات وانتشارها، وأصبحنا نشهد سلالات جديدة كل يوم.
ولأن الحج ركن من أركان الإسلام، وشعيرة عظيمة، فإن السعودية حكومة وشعبا تسعى جاهدة إلى إتمامها، حتى في هذه الظروف الصحية الراهنة، واستطاعت أن تسخر الإمكانات الكبيرة خلال موسم الحج الماضي، رغم التحذيرات العالمية من الوباء وسرعة انتشاره، لكن الحرص والتطبيق الدقيق وفق إجراءات واحترازات صحية صارمة، مكن الحجيج من أداء نسكهم بسهولة وأمان، وأعلنت السعودية في حينها خلو الحج من أي أوبئة، مع أن العالم في ذلك الوقت لم يكتشف أي لقاح في حينه. وقد أشاد بهذه التجربة كثير من المنظمات الدولية المهتمة بالجوانب الصحية، ومنها منظمة الصحة العالمية.
واليوم يأتي الحج، وتعلن السعودية استقبالها الحجيج، مع استمرار الاحترازات الطبية الواجبة وفق الإمكانات الضخمة التي أقرتها الدولة، من خلال توفير المستشفيات الميدانية، واستخدام أحدث التقنيات، والاستعانة بخبرات صحية وكوادر بشرية متمرسة تم اختيارها بعناية. فالجميع يشهد بأن الجائحة ما زالت تعصف بالعالم، وحالات الإصابات والوفيات تتزايد في كثير من دول العالم، ومع ذلك تعمل الجهات المعنية في وزارة الصحة وفق فرق متخصصة على تطبيق الإجراءات الاحترازية الصحية بدقة مع توفير الإمكانات والاستعدادات والخطط اللازمة.
ويأتي تقليص أعداد الحجاج لضمان سلامتهم من الجائحة، في الوقت الذي زادت فيه السعودية من أعداد الحجاج خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، حيث تم رفع الأعداد إلى 60 ألف حاج هذا العام، يمثلون 150 دولة، مع تعيين قائد صحي لكل 20 حاجا. لقد أثبتت الأحداث الصحية الراهنة أهمية ما تقدمه التقنية من دعم وحماية للإنسان، ونجحت السعودية في التصدي للجائحة ومراقبة أي حالات إصابة قد تحدث، من خلال التطبيقات الذكية، وسخرت كل الإمكانات لتطوير التقنيات الحديثة لخدمة الحجاج.
وفي هذا الحج الاستثنائي يتم استخدام الخدمات الذكية منذ بداية الشعائر، بما فيها تطبيق مسار الحج الإلكتروني، وبطاقة الشعائر، والسوار الذكي، والروبوتات، والخدمات الذكية الأخرى المهمة والضرورية، حيث تم توظيف التقنيات عموما لخدمة الحجاج. وسيتم استخدام الروبوتات الذكية في حج هذا العام لتعقيم المسجد الحرام والمشاعر المقدسة دوريا، إضافة إلى توزيع مياه زمزم عبر روبوتات متحركة لتقديم المياه مبردة ومعقمة وفق الضوابط والإجراءات الاحترازية، ومواكبة الطلب المتزايد على مياه زمزم خلال موسم الحج وتقديم الخدمات بصورة متكاملة.
ومن التقنيات اللافتة المستخدمة في الحج، البطاقة الإلكترونية لكل حاج، التي تعمل بتقنية اتصال المجال القريب، وتحتفظ وتوفر معلومات الحجاج الشخصية، والسكنية، وترشدهم إلى سكنهم في المشاعر، وتتحكم في الدخول إلى المرافق المختلفة والحد من الحج غير النظامي. وهناك السوار الذكي، الذي يقيس المؤشرات الحيوية والحالة الصحية “محصن، محصن جرعة أولى، محصن متعاف”، ولمساعدتهم على سير التفويج بالشكل الصحيح، وسيتم كذلك إرسال رسائل توعوية للحجاج تصلهم عبر السوار، وغيرها من الخدمات لتقديم تجربة حج ميسرة.
إن كل هذه الخدمات المقدمة من قبل جميع أجهزة الدولة، الهدف منها في الأساس تهيئة المناخ العام لأداء مناسك الحج بيسر وسهولة، ومواصلة السعودية تأكيد دورها الاستثنائي في خدمة ضيوف الرحمن.