▪︎ مجلس نيوز
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاعات عالية لم تتحقق منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018، أعقبتها ارتدادات محدودة في الأسعار. وتعود المكاسب إلى انتعاش الطلب العالمي وانتشار اللقاحات وزيادة حركة السفر والتنقل في موسم القيادة الصيفي الأمريكي.
وتترقب السوق نتائج الاجتماع الوزاري لمجموعة “أوبك+” الخميس، الذي سيواصل تقييم بيانات السوق ويراجع وضع كل من العرض والطلب والمخزونات بعد القفزة الواسعة في الأسعار، وسط تكهنات بإجراء تعديلات إنتاجية تضيف مزيدا من الإمدادات النفطية بدءا من آب (أغسطس) المقبل خاصة مع تراجع توقعات عودة قريبة للصادرات النفطية الإيرانية في ضوء تعثر مفاوضات فيينا.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون “إن اجتماع المنتجين في “أوبك+” سيكون من الاجتماعات الصعبة والمحورية وذات التأثير الواسع في السوق، حيث يجب الحفاظ على التوافق والإجماع بين 22 دولة منتجة بقيادة السعودية وروسيا.
وأضاف المختصون أن “بعض الأطراف في الصناعة خاصة المستهلكين يدعون إلى اتخاذ قرار بإضافة من مليون إلى مليوني برميل يوميا إلى المعروض العالمي، لكن المنتجين يتعاملون بحذر مع هذه الدعوة ويدركون أن تنفيذها قد يؤدى إلى انخفاض مؤثر في سعر البرميل ما بين خمسة إلى عشرة دولارات، وهو ما ينعكس بشكل كبير على الإيرادات النفطية في الدول المنتجة.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن المكاسب السعرية للنفط الخام تتوالي بفعل تعافي الطلب الواسع ولن يوقف هذه الوتيرة القياسية من المكاسب إلا زيادات مؤثرة في الإمدادات من الدول المنتجة يتم التوافق عليها في الاجتماع الوزاري لـ”أوبك+” بعد غد.
وذكر أن المؤشرات المرجحة تشير إلى أن الزيادات الإنتاجية ستكون محدودة وذلك في إطار سياسة الحذر والتمهل التى اختارتها مجموعة “أوبك+” منذ انطلاق تعاونها كما أن السعودية تؤكد دوما أن زيادة الإنتاج مرهونة برؤية الطلب يتعافي بشكل مستمر وموثوق أولا، متوقعا أن تكون الزيادة في حدود 500 ألف برميل إضافية أما إجراء زيادات تفوق مليون برميل يوميا فستؤدى إلى تراجع الأسعار بنحو 7 في المائة في المتوسط.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة “إن هناك مؤشرات مبكرة على استعداد المجموعة لزيادة إنتاج إضافي مرة أخرى إلى السوق في آب (أغسطس) المقبل لكن بشكل محدود”، مبينا أن استمرار مكاسب نمو الطلب سيؤدي إلى تواصل انخفاض المخزونات على نحو واسع.
وأشار إلى استبعاد تجدد وفرة المعروض في ظل الظروف الراهنة خاصة مع قيود العرض من قبل مجموعة “أوبك+” بالتوازي مع الالتزام المشدد بالإنفاق الرأسمالي المنضبط من قبل المنتجين الأمريكيين حيث من المرجح أن تظل مستويات الإنتاج الأمريكي الإجمالية ثابتة حول 11 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري، موضحا أن الصناعة الأمريكية في وضع جيد نسبيا على الرغم من التحديات العديدة التي واجهتها في عام الجائحة.
من ناحيته، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات أنه كما كان متوقعا جاءت الأيام السابقة لاجتماع “أوبك+” مشددة بشكل ملحوظ في سوق النفط، ما يقود إلى مزيد من المكاسب القياسية، مشيرا إلى توقعات صادرة عن شركة “ريستاد إنرجي” ترجح تخفيف “أوبك+” قيود العرض إما رسميا بالإعلان عن هدف إنتاج أعلى أو بشكل غير رسمي من خلال خفض مستويات الامتثال لقيود خفض الإنتاج.
وأوضح أنه نظرا إلى ارتفاع الطلب في موسم الصيف سواء موسم القيادة في الولايات المتحدة أو الاستهلاك المحلي في دول الشرق الأوسط فقد يكون من المناسب – بحسب تقديرات شركات طاقة دولية – زيادة إنتاج المجموعة إلى 39.5 مليون برميل يوميا في آب (أغسطس) 2021 ثم إعادة خفضه إلى 36.8 مليون برميل يوميا في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل مع دخول فصل الشتاء.
بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية أن “أوبك+” تلتزم بسياسات إنتاجية مرنة ولا ترى صعوبة في تعديل مستوى الإنتاج بشكل متكرر وعلى فترات قصيرة تبعا لتطورات السوق وليس من الصعب زيادة الإنتاج حاليا وتضييق الإمدادات مرة أخرى في مرحلة لاحقة إذا تأثر نمو الطلب سلبا.
وأشارت إلى أن “أوبك+” تحاول إبعاد السوق عن الصدمات وقد تلجأ إلى زيادة متحفظة في المعروض في الاجتماع المقبل، مرجحة أن تمتص السوق الكميات الزائدة دون تدمير سلامة مكاسب الأسعار.
وأكدت أن السوق تتوقع زيادة مطردة في تشغيل المصافي حتى آب (أغسطس) المقبل ما سينتج عنه سحب إضافي من المخزونات بنحو 1.6 مليون برميل يوميا وقد تتأخر العودة إلى وتيرة بناء المخزونات حتى شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
وفيما يخص الأسعار، لامس النفط مستويات مرتفعة لم يسجلها منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018 ثم نزل عنها، وذلك في الوقت الذي يركز فيه المستثمرون على اجتماع “أوبك” الأسبوع الجاري، فيما تستمر الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إحياء الاتفاق النووي، مؤجلة زيادة الصادرات النفطية الإيرانية.
وبحسب “رويترز”، تراجع خام برنت تسليم آب (أغسطس) سنتا واحدا إلى 76.17 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:19 بتوقيت جرينتش، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم آب (أغسطس) 74.09 دولار للبرميل بزيادة أربعة سنتات.
تعيد مجموعة “أوبك+” 2.1 مليون برميل من الخام إلى السوق بداية من أيار (مايو) حتى نهاية تموز (يوليو) ضمن خطة للخفض التدريجي لقيود الإنتاج غير المسبوقة التي بدأت العام الماضي.
وتجتمع “أوبك+” في الأول من تموز (يوليو) وقد تقلص تخفيضات الإنتاج أكثر في آب (أغسطس) مع ارتفاع أسعار النفط وتعافي الطلب.
وتتوقع “أيه.إن.زد وآي.إن.جي” أن ترفع “أوبك+” الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يوميا في آب (أغسطس) وهو الأمر الذي من المرجح أن يدعم ارتفاع أسعار.
وذكرت “آي.إن.جي” في مذكرة “أي كمية أقل من ذلك من المرجح أن تكون كافية لنرى متعاملين يدفعون السوق إلى الصعود على المدى القصير”.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 74.19 دولار للبرميل الجمعة الماضي مقابل 74.09 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق خامس ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 71.56 دولار للبرميل.