▪︎ مجلس نيوز
اتسعت فجوة الفارق بين الفائدة السعودية والأمريكية لأعلى معدلاتها لأول مرة منذ 51 شهرا خلال تعاملات أيار (مايو) الماضي في أسواق النقد قصيرة الأجل، وذلك وسط وفرة السيولة في النظام المالي السعودي واستقرار مؤشرات فائدة الإقراض بين البنوك المحلية منذ مطلع العام، الذي قابله هبوط متواصل لفائدة الاستدانة الدولارية، التي تقيس سعر الفائدة الخاص بتكلفة الاقتراض غير المضمون بين البنوك.
وكشف رصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، عن بلوغ الفارق بين الهوامش الائتمانية الخاصة بالسايبور والليبور إلى 66 نقطة أساس بنهاية أيار (مايو) الماضي، وهي الأعلى منذ أربعة أعوام وثلاثة أشهر.
وسجلت “الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر”، التي تسعر معظم القروض المقومة بالريال استنادا إليها، بنهاية الشهر الماضي، تحركات طفيفة نسبيا بعد إغلاقها عند 0.79 نقطة أساس، بحسب بيانات منصة “ماكرو بوند” السويدية المتخصصة باستعراض بيانات الاقتصاد الكلي.
وقابل ذلك عن الفترة نفسها “ضغوط نزولية” قياسية لسعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن، الذي أغلق بنهاية الشهر الماضي عند 0.13 نقطة أساس، وفقا لمنصة “سي بوندز” للبيانات المالية.
ووفقا لرصد “الاقتصادية “، فإن هذه البيانات تعني أن الفارق المسجل بين السايبور والليبور لأجل ثلاثة أشهر (66 نقطة أساس)، يعد أعلى من المعدل التاريخي المسجل، الذي يضعه الاقتصاديون بين 43 نقطة أساس و60 نقطة أساس.
مع العلم أن أعلى فارق تاريخي تم تسجيله بينهما في 2016، وبحكم ربط العملة، تقتفي الفائدة السعودية نظيرتها الأمريكية، ولكن فعليا، فإن هناك من يطالب بعلاوة سعرية، نظرا لتفاوت مخاطر الاقتراض بين اقتصادات الخليج ونظيرتها الأمريكية.
ويسهم تداول السايبور بعلاوة سعرية لنظيره الليبور، كما هو حاصل حاليا وجار تاريخيا، في عدة فوائد للاقتصاد السعودي، منها على سبيل المثال، تعزيز جذب السيولة الأجنبية لسوق الأسهم وتقديم مزيد من الزخم للودائع المحلية، التي تكون بأجل محدد، وتمنح عائدا للمودعين أعلى من نظيرتها الدولارية، فضلا عن جذب التدفقات الرأسمالية لمكونات الاقتصاد المحلي وذلك في ظل استمرارية وجود “الهامش الإيجابي” بين السايبور والليبور.
وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري، الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات، وكذلك السندات السيادية في السوق المحلية فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد/ الأرباح، التي يدفعها المقترضون للبنوك والمستثمرين على حد سواء، ويستمد الليبور أهميته من استخدامه على نطاق واسع كمقياس مرجعي لكثير من أسعار الفائدة الأخرى، التي تجري المعاملات بالفعل على أساسها.
علاقة السايبور بالليبور
يولي العاملون في أسواق النقد قصيرة الأجل، وكذلك الجهات التنظيمية العاملة في السعودية، أهمية بالغة لحركة السايبور والليبور “سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن”.
وكما هو الحال مع السايبور، يعبر الليبور عن متوسط سعر الفائدة على المدى القصير. تاريخيا دائما ما تم تداول مؤشرات الائتمان المقومة بالريال بعلاوة ضد نظيرتها المقومة بالدولار، وذلك بحكم ربط العملة. ويظهر ذلك جليا في السايبور، الذي يتداول بعلاوة مقابل الليبور وكذلك عوائد أدوات الدين الحكومية- للسعودية- مقابل نظيرتها من الخزانة الأمريكية.
وسادت حالة من الارتياح في أوساط البنوك ومديري الأصول بعد أن أرجأت الجهات التنظيمية قرارا بإيقاف العمل بسعر الفائدة المرجعي للاقتراض بين البنوك بالدولار “الليبور”، الذي كان يفترض انتهاء العمل به لكل العملات بنهاية 2021، ولكن إيجاد بديل لتلك الآلية جعل السلطات المالية في كبرى الاقتصادات العالمية تقرر إعادة جدولة إيقاف استخدام الليبور إلى 2023.
تقييم أداء السايبور
واصلت أهم مؤشرات الفائدة، التي تستخدم في أسواق النقد ومعظم العقود المصرفية، تسجيل انخفاضات محدودة بنهاية الشهر الماضي. وكشفت بيانات حديثة تباطؤ وتيرة التراجعات في أيار (مايو) للفائدة “المعروضة بين البنوك السعودية”، للشهر العاشر على التوالي في أنشط سوق للقروض السكنية في منطقة الشرق الأوسط.
وسجلت جميع المراجع الأربعة التسعيرية للسايبور مستويات متدنية وأصبحت جميعها تتداول بين 0.914 و0.634 في المائة.
وفي الإطار ذاته، أصبحت الفائدة الصفرية تبتعد عن “سايبور الشهر واحد”، ما مقداره 63 نقطة أساس، حيث أغلق بنهاية أيار (مايو) الماضي عند 0.634 في المائة.
وبخلاف فائدة الشهر واحد للسايبور، التي كانت أول مراجع الفائدة كسرا لحاجز 1 في المائة بنهاية أيار (مايو) 2020، فإن هذا المرجع التسعيري يندر استخدامه بشكل كبير في القروض، ولذلك فتأثيره محدود في المستدينين.
وعليه، فإن كسر حاجز 0.80 في المائة لمؤشر فائدة الثلاثة أشهر، الذي تم خلال آذار (مارس) 2021، يعد نقطة تحول إيجابية لتكاليف التمويل الخاصة بالمستدينين من أفراد وشركات.
الحقبة الثانية
أظهرت نتائج ورقة بحثية أن المقترضين من الأفراد والشركات يعيشون حاليا في الحقبة الثانية من أدنى مستويات الفائدة السعودية خلال 32 عاما.
وبحسب رصد “الاقتصادية”، فإن الحقبة الأولى من عصر الفائدة المتدنية قد بدأت في منتصف 2009 إلى 2016، حيث استمرت سبعة أعوام.
أما الثانية فقد بدأت من 2020 ومرجح لها أن تستمر عند مستوياتها بفعل تبعات الجائحة الاقتصادية وطريقة تعامل البنوك المركزية حول العالم معها، وذلك عبر تخفيض أسعار الفائدة.
وسجلت آجال السايبور الأربعة أعلى مستوياتها في أواخر الثمانينيات، وذلك عندما تراوحت بين 10.18 و11 في المائة، وفقا للبيانات التاريخية لمنصة “ماكرو بوند” السويدية.
ووفقا لتقرير “الاقتصادية” المنشور في 28 شباط (فبراير) 2021، فإن المعدل المتوسط لفائدة السايبور يعد أقل بـ12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في 1989، الأمر الذي يعني أن هذا الوقت يعد أفضل وقت للاستدانة بالفائدة الثابتة على مدى 32 عاما.
من المعلوم أن أعلى مستويات الفائدة السعودية خلال الأعوام العشرة الماضية قد جاءت بين الفترة من 2016 إلى 2019، حيث يوفر القطاع المالي للسعودية حلولا مريحة للعملاء، الذين يرغبون في التحول من الفائدة المتغيرة إلى الثابتة أو العكس.
ومنذ بداية 2020 والمستدينون السعوديون والشركات يحصلون على أخبار إيجابية بنهاية كل شهر، وهم يرون مدفوعاتهم الدورية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، تنخفض بشكل متدرج، مقارنة بالمستويات، التي كانت عليها خلال 2019.
السيولة العالية
كان البنك المركزي السعودي “ساما” قد ضخ مع بداية حزيران (يونيو) 2020 مبلغ 50 مليار ريال لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي، وتمكينه من الاستمرار في دوره في تقديم التسهيلات الائتمانية لعملائه كافة من القطاع الخاص، بما في ذلك دور البنوك في دعم وتمويل القطاع الخاص من خلال تعديل أو إعادة هيكلة التمويلات دون أي رسوم إضافية، ودعم خطط المحافظة على مستويات التوظيف في القطاع الخاص، إلى جانب الإعفاء لعدد من رسوم الخدمات البنكية الإلكترونية، وذلك انطلاقا من دورها في تفعيل السياسة النقدية وتعزيز الاستقرار المالي.
وأدى ضخ السيولة، الذي تم في حزيران (يونيو) إلى زيادة الطلب على القروض الجديدة، من قبل بعض الأنشطة الاقتصادية، وذلك مع تزامن فتح الاقتصاد السعودي.
وانعكست إجراءات البنك المركزي السعودي بشكل إيجابي على السايبور، وذلك عبر استمرار هبوطه المستمر منذ مطلع العام الماضي.
يذكر أن فائدة الإقراض القصيرة الأجل للسعودية قد تم خفضها ثلاث مرات في 2019، بالإضافة إلى خفضين آخرين في 2020. أي أن الذي كان سيدفع للمؤسسة المالية فائدة سايبور الخاصة بـ12 شهرا، التي كانت مطلع 2019 عند 3.34 في المائة، أصبح يدفع عليها مع المستويات الحالية نحو 0.91 في المائة.
وتعكس تلك الانخفاضات في أسعار الفائدة منذ 2019 حتى الآن، الواقع الجديد لفائدة الإقراض المتدنية في السعودية، التي أسهمت في تعزيز النمو الائتماني للقطاع الخاص والأفراد خلال الفترة الماضية.
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، حول حركة السايبور، إلى بيانات منصة “سي بوندز”، التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات، التي يستثمرون بها.
أما بخصوص البيانات التاريخية لحركة آجال السايبور فتم الاستناد إلى منصة “ماكرو بوند”، التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على أثرها بتكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين بربط تلك البيانات مع بعضها بعضا، وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.
الفائدة الثابتة
يعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة أن المستثمر أو الجهة التمويلية تعرف حجم الفوائد، التي ستتسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق lock in نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة، فإنه يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم. فعالميا يتم استخدام الفائدة المعروض بين البنوك في لندن (الليبور)، إذ يعد “الليبور” نظير “السايبور” للفائدة المقومة بعملة الدولار.
وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016، وتلك السندات المحلية مدرجة في البورصة المحلية لدى تداول.
برنامج دعم القطاع الخاص وتكلفة التمويل
تتزامن تلك المتغيرات في أسعار الفائدة المحلية في الوقت، الذي حصلت معظم الشركات المستحقة (المؤهلة) على فترات زمنية يتم بموجبها تأجيل تحصيل المصاريف التمويلية المستحقة مستقبلا، وفق المحفزات الاقتصادية، التي أعلنها البنك المركزي السعودي في ظل جائحة كوفيد- 19، التي اجتاحت الأسواق العالمية.
وأعلن البنك المركزي السعودي منتصف آذار (مارس) 2020 إعداد حزمة بقيمة 50 مليار ريال (13 مليار دولار) لإعانة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على مواجهة الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا. ويهدف التمويل إلى السماح للشركات الصغيرة والمتوسطة بتأجيل دفع مستحقات البنوك وشركات التمويل والحصول على التمويل بشروط ميسرة مع إعفاءات من تكاليف برنامج دعم ضمانات التمويل، حيث يرتبط اثنان من حزمة الإجراءات تلك بكلفة التمويل.
وتلا ذلك اعتماد “ساما” حزمة إجراءات احترازية جديدة في إطار دعم الجهود لمواجهة آثار انتشار جائحة فيروس كورونا على مختلف القطاعات الاقتصادية، ومتابعة تأثيره في الأسواق المالية والاقتصاد، التي كان من ضمنها التأكيد على البنوك أهمية الالتزام بتقديم مجموعة من وسائل الدعم لعملائها في هذا الوقت الحالي، وتمكينهم من مواجهه آثار انتشار فيروس كورونا، إلى جانب أهمية دعمهم للقطاع الخاص لتخفيف آثار انخفاض التدفقات النقدية، ومنها مراجعة إعادة تقييم معدلات الفائدة والرسوم الأخرى على البطاقات الائتمانية، سواء للعملاء الحاليين أو العملاء الجدد، بما يتوافق مع انخفاض معدلات الفائدة حاليا نتيجة للأوضاع الاقتصادية.
خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية
خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في شهر آذار (مارس) 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة في التسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى بين الصفر و0.25 في المائة. وكان مجلس الاحتياطي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من آذار (مارس)، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد البنك المركزي السعودي على خفض الفائدة الثاني من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال شهر آذار (مارس) عندما خفض “ساما” معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة، ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام “ساما” أواخر تشرين الأول (أكتوبر) بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019، معلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، قد خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.
3 مراجع لتسعير الائتمان
يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية “السايبور”، وثانيها “عقود المبادلة المقومة بالريال”، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة “كمرجع تسعيري” مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع “عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق”، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما السايبور؟
تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا، والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر، وتتفاوت أسعار السايبور، وفقا لآجال الاقتراض (القصيرة الأجل)، التي قد تراوح بين شهر وعام.
وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري، الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات، وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية “التي تسعر بالفائدة المتغيرة” في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد/ الأرباح، التي يدفعها المقترضون للبنوك.
وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة، ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة، وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك، التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة، وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون بمأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وحدة التقارير الاقتصادية