▪︎ مجلس نيوز
لأن المشاعر والأفكار هي كلها موجات تنتقل ودقتها في الانتقال دقيقة وحتى الآن العديد من الدراسات تؤكد ذلك، بل إن هناك أجهزة حديثة لقياسها. ويفسر ذلك العديد من الأمور التي نراها في حياتنا اليومية، مثلا يقدم لك أحدهم وجبة بسيطة بحب يصلك هذا الشعور وتشعر بسعادة في ضيافته، علما بأنك قد تكون تناولت هذا الطبق عدة مرات، لكن في هذا المنزل ومن هذا الشخص بدا مميزا ومختلفا، أو أن تستقبل مثلا هدية فاخرة في المقابل يصلك شعور أنك لم تفرح بها فهي من طاقة ومشاعر مرسلها. تذكرت هنا مقولة دارجة عند نهاية كل اتصال أو لقاء حيث يقال دائما (خدمة ولا شيء)، ويكون غير صادق في طرحها عادة. لأنك فعلا عندما تقول نعم ينسحب بسرعة وهنا تكمن عدم مصداقية الأشخاص مع أفكارهم ونواياهم وأفعالهم وسلوكهم ومشاعرهم، رغم أنه يستطيع أن يقول إلى اللقاء بدون أي عروض غير نابعة من القلب ولم يطلب منهم ذلك، فلقد انتهى زمن اتفاق السلوك الظاهر مع صدق النوايا مع حاتم الطائي عندما قال فيه الشاعر «أما الكرم قد فاز به حاتم الطي … حتى الفرس من شان ضيفه طعنها»، وأحبه الناس وذاع صيته لأنه صدق وقوة مشاعره وصلت لهم بنفس الحب الذي في نيته. أما في هذا الزمن صارت كلمة (خدمة ولا شيء) بريالين لا يوجد فيها مصداقية وحب. لذلك من الجيد أن تحسن وتجامل عندما تستطيع وتريد فعلا ذلك ولا تخدع نفسك ولا الآخرين، لأن كل ما تقدمه يصل بنفس ما تحمله سريرتك. فالكون ذبذبي وليس قيمياً يعمل وفق ذبذبات وموجات تتقارب حسب توافقها وتجاذبها. فقد قال نبي الأمة «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها اتئلف وما تناكر منها اختلف». فالمشاعر والأفكار هما ترجمة التآلف والتنافر، وهي كلها موجات وذبذبات تصل بدون تحوير أو تعديل وبميزان كوني رباني دقيق.