▪︎ مجلس نيوز
أكد أطباء ومختصون ومواطنون أن الشائعات تشكل تحديا أمام التقدم في أخذ اللقاحات، وأن الانسياق خلفها أودى بحياة الكثير نتيجة تصديقهم لمعلومات غير صحيحة من مصادر غير موثوقة هدفها زعزعة الثقة حول اللقاحات.
وأوضحوا في حديثهم لـ «اليوم» أن متابعة وترديد الشائعات المغلوطة المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي يسببان تأخير تحقيق المناعة المجتمعية وعودة الحياة إلى طبيعتها وزيادة العبء على النظامين الصحي والاقتصادي.
تطرق المواطن على الزهراني إلى أن الشائعات سبب رئيسي لدمار وهلاك المجتمع، فالمجتمع القائم على تصديق الشائعات يزيد الجهل فيه ومن تلك الشائعات التي انتشرت هي الأضرار التي تلحق بالفرد بعد أخذه اللقاح، ولو رجعت لمرجع هذا الشخص لوجدته ناقلا للمعلومة دون بحث أو تأكد بل ولوجدته ضعيفا أكاديميا ولا يملك أي مؤهل يؤهله لإبداء رأي يرتكز على معلومة صحيحة وواقعية، ولذلك ينبغي علينا الثقة في من أفنوا أوقاتهم وسخروها لخدمة البشرية وحكومتنا الرشيدة -حفظها الله- لا تألو جهدا للوصول إلى المعلومة بالشكل الصحيح والمؤكد خدمة لأبنائها المواطنين، بل جهزت ووفرت كل ما يفيد للقضاء على هذه الجائحة، ومن ذلك اللقاح الذي وفر بالمجان للجميع دون استثناء ودون تفريق وصرفت عليه المبالغ الضخمة حرصا على سلامة كل من يعيش على أرض هذا الوطن، ومن غير المعقول أن تصرف هذه المبالغ في غير محلها أو قبل التأكد من جدواها.
أكدت المواطنة بشرى الحربي، أن الشائعات عامة وخاصة ما ارتبط بصحة الإنسان سواء الخاصة بكورونا أو غيرها من الأمراض من وجهة نظري هي تماثل خطورة المرض والامتناع عن علاجه أو أخذ اللقاح المضاد له، والعديد من الأشخاص فقدوا حياتهم مثلا بسبب عدم أخذ لقاح كورونا بسبب الشائعات التي روجت ضده، وأرى أن الدولة -حفظها الله- أثبتت للعالم أن الإنسان هو على رأس هرم أولوياتها ومن المستحيل أن تقدم له ما يضر بصحته وبحياته، ومن المفترض وضع وتنفيذ عقوبات صارمة وحازمة جدا على كل من روج لأي شائعة خصوصا الصحية منها بأي وسيلة كانت كالغرامات العالية والسجن والتشهير.
قال القانوني محمد الجشي: «في وقتنا الحاضر وفي ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح من السهل تناقل الشائعات والأخبار والمعلومات دون التأكد من صحتها، وفي خلال فترة زمنية قصيرة يمكن وصولها إلى مئات الأشخاص مما يؤدي إلى المساس بالنظام العام، وللشائعات آثار ضارة على الفرد والمجتمع خاصة في وقت الأزمات إذ إنها تخلق القلق وتؤثر على صحة الأفراد الذي ينعكس على أمنهم في المجتمع، وقد نصت المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين حسب ظروف الجريمة، لذا يتوجب على الجميع عدم الانجراف وراء الشائعات والتحقق من صحة ما ورد فيها».
أوضحت الأستاذ المساعد بقسم علم النفس في جامعة الأميرة نورة، د. رسيس العنزي أنه مع بدء انتشار فيروس «كورونا 19» ونحن نتلقى الكثير من الأخبار والأقاويل عن الوباء وتداعياته، وكان من الملحوظ جهود وزارة الصحة متمثلة بكافة منسوبيها بتقديم كل المعلومات العلمية الصحيحة بشكل يومي، وكان لذلك أثر في نشر الوعي بين أفراد المجتمع كافة والحد من انتشار المعلومات المغلوطة والشائعات، وعلى الرغم من كافة المحاولات للحد من الشائعات إلا أننا ما زلنا نرى فئة من المجتمع يتمسكون بما يرد لهم من جهات غير موثوقة وغير متخصصة فيما يخص الفيروس واللقاحات الخاصة للحد منه، فنجد من يرفض رفضا تاما أخذ اللقاح نتيجة تلك المعلومات، فيقع على عاتقنا التأكيد على ضرورة اتباع المصادر الموثوقة المتخصصة متمثلة بوزارة الصحة التي تسعى جاهده لحماية أفراد المجتمع ورفع التوعية للوصول إلى الحصانة المجتمعية.
نقل المعلومة دون بحث
خطورة الامتناع عن علاج المرض
عبء على الجهات الصحية
لم تدخل في أمر إلا وأفسدته
بينت المواطنة سارة الشمري أن الخوف من أخذ اللقاح أكبر من الخوف من الإصابة بفيروس كورونا بسبب الشائعات التي تعتبر أحد الأسباب التي تعيق التقدم في تلقي اللقاحات وخصوصا لكبار السن الذين يتأثرون بما يتم تداوله من بعض المشككين من فعالية اللقاحات، ولا شك أن ذلك يشكل عبئا على الجهات الصحية للوصول إلى المناعة المجتمعية بتحصين 70% من المواطنين والمقيمين، ويجب على الجهات المعنية ضبط كل من يروج لمثل هذه الشائعات.
أكد الأستاذ المساعد بقسم طب الأسرة والمجتمع والمتخصص في الطب الوقائي والصحة العامة د. عاصم العبدالقادر أن الشائعة لم تدخل في أمر إلا وأفسدته، وهذا غير مستغرب، الغريب هو تكذيب الواقع والدليل العلمي من المصدر الرسمي وتصديق القيل والقال من الشائعات، ومؤسف أن نرى بعض الناس يتأخر في أخذ اللقاح المتاح مجانا وبإجراءات سهلة وسريعة، يا ترى هل ننتظر فقد قريب أو عزيز حتى نقتنع بأهمية اللقاح وفعاليته؟، وماذا لو كان اللقاح غير متوفر أو بمقابل مادي.. أكاد أجزم بأنه لن يشكك في فعاليته أحد، وقد نراه يباع بالآلاف في السوق السوداء.
آثار ضارة على الفرد والمجتمع
التوعية الصحية بشكل يومي
الخطر الكامن في «وسائل التواصل»
الثقة في العلماء والأطباء ووزارة الصحة
قالت الأستاذ المساعد، استشاري طب الأسرة بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل د. ملاك الشمري: منذ اكتشاف تقنية اللقاحات ضد أكثر الأمراض المعدية فتكا والشائعات تصاحبها، تاريخيا عزف الكثير من الشعوب عن أخذ اللقاحات مع علمهم بمدى الضرر الذي تحدثه هذه الأمراض وتقبلتها المجتمعات مع التشريعات شبه الإجبارية ومع نفعها في تقليل وحتى انقراض الكثير منها، ولا يختلف الحال كثيرا منذ ظهور لقاح «كوفيد 19»على الساحة، إلا أن الشائعات صاحبت هذا اللقاح بالذات بشكل كبير وفي زمن سهل فيه انتشار الشائعة كسهولة الحصول على المعلومة من المصادر الموثوقة، إلا أننا نلاحظ انسياق البعض وراء المعلومات المغلوطة والمنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي، مما سبب التأخر في الحصول على الجرعات بل وعزوف البعض عنها ظنا منهم أنها «مؤامرة»، ويؤثر هذا التأخير على تحقيق مناعة القطيع المجتمعية وعودة الحياة إلى طبيعتها تبعا لذلك بالإضافة إلى العبء الكبير الاقتصادي على النظام الصحي في البلد خاصة وأن اللقاح آمن والحصول عليه عمل وطني لا يحتمل التأخير.
ذكر عضو هيئة التدريس وأخصائي طب الأسرة والطب المهني د. حاتم علي القحطاني: للأسف أن الشائعات والمعلومات المغلوطة منتشرة عن اللقاحات بشكل عام ولقاح «كوفيد 19» بشكل خاص، وهذا يحد من أخذ المجتمع للقاح مما يؤدي إلى الإضرار بفئة من المجتمع وهم كبار السن والذين هم أكثر عرضة لمخاطر فيروس كورونا بالرغم من الجهود المبذولة من قبل وزارة الصحة ومتحدثها الرسمي، كما أن هذه الشائعات قد تتسبب في وفاة فئة غالية علينا من حيث لا يشعر الآخرون، والحقيقة أننا نرى هذه الشائعات على أرض الواقع ونراها في الممارسة الإكلينيكية، ولذلك فإن على المجتمع أن يثق في علمائه وأطبائه ووزارة الصحة في هذه الأزمة وذلك للحفاظ على صحة المجتمع وأفراده، ومن خلال الممارسة في عيادة طب الأسرة اكتشفت أن الكثير من المراجعين لديهم هذه المعلومات المغلوطة ولذلك فإن على المؤسسات الإعلامية وجميع القطاعات التعاون في رفع الوعي وكذلك على الأفراد لكي نستطيع تجاوز هذه الأزمة بسلام ونحافظ على مجتمعنا بصحة وعافية.
إرجاع الأمر إلى مصدره والمختصين
أشار المتخصص في علم الجريمة والمشكلات الأسرية د. عبدالعزيز آل حسن إلى أن الأخبار المغلوطة وغير الموثوقة وسيلة تنطلي على من لا يبحث عن الحقيقة ولا يتأكد من المعلومة، مما يسبب لها الانتشار والتأثر من بعض طبقات التفكير المستعجل والسطحي الذي ينقل المعلومة دون التأكد من مصدرها ولا من حقيقتها، لذلك أصبحت الشائعات ذات تأثير على تلك الطبقة المجتمعية سلبا، وخاصة فيما يتعلق بأخبار الصحة والتعليم والاقتصاد وغيرها مما يسبب تعطل عجلة التنمية وتولد عقول هزيلة وبناء فكري هش لا ينظر إلى الأمور إلا من زاوية «يقولون».. دون التأكد ولا تكليف العقل بالبحث عن الحقيقة، لذا فالدور منوط بالكل الفرد والأسرة والمجتمع في نبذ الشائعات والتوعية الأمنية والفكرية والاجتماعية بالحذر منها وإرجاع الأمر إلى مصدره وإلى المختصين والمؤسسات الحكومية والأهلية الموثوقة، حتى لا تصبح الشائعات هي هاجس الإنسان الذي يسير أموره وفقا لها مما يتسبب في ضياع منهجه وتدني تفكيره وعشوائية قراره.