▪︎ مجلس نيوز
جاء موقف “مجموعة السبع” تجاه الصين قويا وصلبا كما كان متوقعا، ولا سيما بفعل توجهات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي لا تقل صرامة عن إدارة سلفه دونالد ترمب، وأيدت اليابان تعزيز الموقف ضد بكين، خصوصا أن طوكيو تدعم هذا الاتجاه منذ أعوام، على اعتبار أن الاستراتيجية الصينية المرفوضة غربيا تضر بها أولا.
وأخذ الملف الصيني حيزا أساسيا من قمة “مجموعة السبع”، التي انعقدت في بريطانيا، فالمسألة مع الصين لا تقتصر على الجانب التجاري، بل تشمل الناحيتين السياسية والعسكرية والنفوذ المخيف، بما في ذلك التوسع الصيني السريع في القارة الآسيوية، فضلا عن الجانب المتعلق بحقوق الإنسان ضمن الأراضي الصينية ذاتها.
لكن في النهاية، تبقى المواجهة مع الصين محصورة بالعقوبات التي تفرضها الدول الغربية، خصوصا الولايات المتحدة، دون أن ننسى أن بكين تفرض عقوبات انتقامية على واشنطن أيضا. قمة “مجموعة السبع” حققت نتائج كبيرة، إذا ما قورنت بالقمم السابقة خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، فهذا الأخير وتر الأجواء مع الحلفاء وغيرهم، عبر سياسات لا تأخذ في الحسبان طبيعة العلاقات الدولية.
الموقف من روسيا كان أيضا موحدا في قمة “السبع”، وهذه النقطة أتت بعد تفكير كبير من الأمريكيين والأوروبيين خصوصا، في ظل تدهور العلاقات مع موسكو بأشكال وأنواع وجوانب مختلفة. ومن هنا، يمكن البناء على القمة التي ستجري في جنيف بين بايدن ونظيره الرئيس فلاديمير بوتين، حيث ستطرح فيها محاور وأجندة مهمة تخص البلدين ودولا أخرى. الرئيس الأمريكي يذهب متسلحا بموقف أكثر صلابة حيال روسيا من جانب مجموعة تسيطر في الواقع على نحو 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وقادرة على مواصلة فرض العقوبات المؤثرة على النظام الأساسي في موسكو.
ومن أهم النتائج الاستراتيجية في قمة “مجموعة السبع”، الخطة الخاصة بالبنى التحتية للدول النامية، وتهدف هذه الخطة – في الواقع – إلى منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي يبلغ حجمها عدة تريليونات من الدولارات، وسوق جو بايدن للخطة بقوله “إن صندوق البنى التحتية العالمي سيكون أكثر إنصافا بكثير من مبادرة الحزام والطريق الصينية”، داعيا الحكومة الصينية إلى احترام المعايير الدولية، بل ذهب إلى أكثر من ذلك ودعا إلى تخلي بكين عن مبادرتها الخاصة بالحزام.
ولا شك في أن خطة هائلة كهذه، ستلعب دورا رئيسا في التحولات على الساحة الدولية، وستسهم في المرحلة المقبلة في عرقلة أي مسار للتفاهم مع بكين. إلا أن دول “مجموعة السبع” عازمة على أن تطرح البدائل التي تعتقد أنها ستسهم في رفع مستوى التنمية والازدهار في بلدان تحتاج بالفعل إلى الدعم التنموي وليس الاقتصادي فقط.
إنها قمة حققت تحولات عديدة، خاصة على صعيد الضريبة على الشركات المتعددة الجنسيات، فهذا الملف كان عالقا لأعوام نظرا إلى التشعبات حوله، وفرض 15 في المائة من الضريبة على هذه الشركات سيسهم في دعم كل المخططات التنموية التي وضعتها “المجموعة”، وستكون جزءا من مخططات “مجموعة العشرين” التي أخذت زمام المبادرة العالمية منذ عام 2008.
كان طبيعيا أن يتعهد قادة “مجموعة السبع” بتوزيع أكثر من مليار جرعة من اللقاحات المضادة لكوفيد – 19 بحلول نهاية العام المقبل، فالعالم كله يحتاج إلى عودة الحراك الاقتصادي والاجتماعي بسرعة إلى ساحته، ولن يتم ذلك إلا عبر توفير اللقاحات للبشرية جمعاء. الأموال المخصصة لهذه اللقاحات جاهزة، وقد بدأت بعض الدول تتفاعل بتوريد لقاحات إلى الدول الفقيرة والأشد فقرا.
ولا شك في أن قمة “السبع” في بريطانيا، وضعت مسارا جديدا للعلاقات بين الحلفاء، بعد أربعة أعوام كانت متوترة بينهم، والعالم سيشهد لاحقا الآثار التي ستتركها على الساحة الدولية، ولا سيما عندما تتكامل خطوات هذه المجموعة مع “مجموعة العشرين”.