▪︎ مجلس نيوز
عادت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع مدفوعة بصعود مؤشرات الطلب على الوقود في الولايات المتحدة وأوروبا، كما أسهم الاستبعاد الأمريكي لرفع العقوبات على إيران في إزاحة المخاوف المتعلقة بنمو الإمدادات النفطية وتضخم المعروض في الأسواق.
وتلقت الأسعار دعما من انخفاض المخزونات النفطية ومن استمرار قيود مجموعة “أوبك+” على الإمدادات النفطية مع إجراء زيادات محدودة لتلبية ارتفاع الاستهلاك المحلي صيفا.
ويقول لـ”الاقتصادية” مختصون ومحللون نفطيون “إن موسم القيادة في الولايات المتحدة وإنهاء الإغلاق في عديد من دول أوروبا أسهم في إنعاش الطلب بصورة قوية واستئناف المكاسب السعرية بعد توقف قصير نتيجة جني الأرباح”، لافتين إلى أن تقلص الإمدادات النفطية في الولايات المتحدة أدى إلى تنامي التوقعات بأن أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم في خضم انتعاش اقتصادي قوي.
ونوه المختصون بانضباط “أوبك” المستمر في الإنتاج مع التزام المنظمة بخطط سابقة لزيادة الإنتاج تدريجيا، لافتين إلى قرار المنظمة المدروس بإجراء تخفيضات بمقدار 840 ألف برميل يوميا بدءا من الأول من تموز (يوليو) المقبل، ما يشير إلى الثقة بأن السوق في وضع جيد لاستيعاب العرض الإضافي مع ارتفاع الطلب وإعادة فتح الاقتصادات.
وذكر المختصون أن الطلب يتعافي بوتيرة أسرع من زيادة العرض وهو ما قلص الفجوة التي وصلت إلى ذروتها في العام الماضي، مشيرين إلى أن روسيا تقدر أن سوق النفط العالمية تعاني حاليا عجزا بنحو مليون برميل يوميا في الإمدادات النفطية.
وفي هذا الإطار، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد إيه إف” في كرواتيا “إن معنويات السوق الإيجابية أدت إلى زخم واسع في صعود الأسعار وانعكس ذلك على تجاوز العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط حاجز 70 دولارا لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ أكتوبر 2018”.
وأشار إلى أن انخفاض المخزونات النفطية أسهم أيضا في دفع الأسعار نحو مزيد من المكاسب بعد تعثر مؤقت لم يصمد طويلا، منوها بأن السوق النفطية تعيش حالة من استمرار الثقة بتوقعات نمو الطلب على النفط نتيجة وتيرة توزيع اللقاحات المتسارعة، ما يسمح بإنعاش حركة السفر على نحو أكثر.
من جانبه، يضيف فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة “سنام” الإيطالية للطاقة أن “نمو الطلب يطغى على أي زيادة في العرض، وهو ما يجعل وضع السوق في حالة تعاف مستمر ويؤدي إلى تراجع متواصل في مستوى مخزونات النفط الخام الأمريكية”، مشيرا إلى أن عودة انتشار الجائحة في أجزاء من آسيا وأمريكا اللاتينية هي تذكير بأن الانتعاش في الأسعار سيكون طريق الحفاظ عليه وعرا.
وأضاف أن “الإنتاج الأمريكي يواجه تحديا جديدا نتيجة ضيق الفارق السعري بين خامي برنت وغرب تكساس الوسيط، الذي أصبح بالفعل في الشهر الماضي عند أضيق مستوى منذ نوفمبر في اللعام الماضي”، لافتا إلى أن استمرار ضيق الفارق ستكون له تأثيرات واسعة في السوق حيث ستشهد الصادرات الأمريكية انخفاضا مع فقدان خام غرب تكساس الوسيط قدرته التنافسية.
ويشير ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات إلى أن تراجع المخزونات النفطية في ثالث انخفاض أسبوعي على التوالي يعكس تعافي الطلب العالمي في ضوء انتعاش حركة السفر والتنقل وعودة السياحة والطيران إلى مختلف بقاع العالم.
ولفت إلى أن استمرار تعثر الطلب الآسيوي يمثل حجر العثرة الحالي أمام انتعاش الأسواق وهو ما أدى إلى استغلال مصافي النفط الهندية ضعف الطلب بسبب عودة ظهور الفيروس لإجراء الصيانة الدورية تحسبا لانتعاش استهلاك الوقود في الأشهر المقبلة.
بدورها، تقول الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة “إن المخاوف من الهجمات الإلكترونية على خطوط أنابيب الطاقة في الولايات المتحدة تراجعت مع نجاح واشنطن في استعادة الفدية التي كان قد تم دفعها لمنفذي الهجوم الإلكتروني على خط أنابيب “كولونيال” الشهر الماضي، وهو ما عدته الأوساط المالية إشارة قوية على أن سلطات إنفاذ القانون قادرة على ملاحقة المجرمين عبر الإنترنت مهما كان مكانهم”.
وأشارت إلى تزايد الطلب بسرعة كبيرة، لأن الجميع يقودون سياراتهم وتمت إعادة فتح أوروبا، بينما يبدو أن الهند قد وصلت إلى نقطة انعطاف مع انخفاض نسبي في الإصابات الجديدة، لافتة إلى أن عديدا من البنوك الاستثمارية الدولية متفائلا إلى حد كبير بتعافي قطاع النفط، حيث يراهن كثيرون على أن 80 دولارا للبرميل قد يتم تسجيله في الصيف الجاري وذلك بفضل الطلب القوي على البنزين.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط للجلسة الثانية أمس، بفضل مؤشرات على طلب قوي على الوقود في الاقتصادات الغربية، بينما تبددت احتمالات عودة إمدادات إيرانية، إذ قال وزير الخارجية الأمريكي “إنه من المستبعد رفع العقوبات المفروضة على طهران”.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 32 سنتا أو ما يعادل 0.4 في المائة، إلى 72.54 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:40 بتوقيت جرينتش، بعد أن لامست في وقت سابق 72.83 دولار، وهو أعلى مستوى منذ 20 أيار (مايو) 2019، وزاد برنت 1 في المائة، أمس الأول.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 31 سنتا أو ما يعادل 0.4 في المائة إلى 70.36 دولار للبرميل، وكانت قد سجلت 70.62 دولار، وهو أعلى مستوى منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2018. وصعدت أسعار الخام يوم الثلاثاء 1.2 في المائة.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية البارحة الأولى، أن يبلغ نمو استهلاك الوقود هذا العام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك في العالم للنفط 1.49 مليون برميل يوميا، ارتفاعا من توقع سابق عند 1.39 مليون برميل يوميا.
وفي مؤشر إيجابي آخر، تظهر بيانات للقطاع أن مخزونات الخام الأمريكية انخفضت الأسبوع الماضي، بما يتماشى مع توقعات المحللين بحسب استطلاع أجرته “رويترز”.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 69.81 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 70.14 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، وإن السلة كسبت أقل من دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 69.01 دولار للبرميل”.