▪︎ مجلس نيوز
تقوم الشركات الصغيرة والمتوسطة بدور أساس في الاقتصاد العالمي، وعلى الأخص في الدول النامية، وفي عديد من الدول، فإن أكثر من 90 في المائة من جميع الشركات هي منشآت صغيرة ومتوسطة، ويعتمد الاقتصاد العالمي عموما عليها في تحقيق النمو.
فهذه المشاريع تمثل حجر الزاوية في كل الدول بصرف النظر عن موقعها على الخريطة الاقتصادية، بمعنى آخر تسهم هذه المشاريع في صلب الاقتصادات العالمية الناشئة والمتقدمة.
وتتوافر للشركات الصغيرة والمتوسطة عموما، أدوات دعم من الحكومات بأشكال مختلفة، خصوصا مع اعتماد الشركات الكبيرة في مراحل إنتاجها عليها، فضلا عن أن المؤسسات الكبيرة الناجحة، رفعت من حجم اعتمادها على هذا القطاع منذ أكثر من قرن من الزمن. وزاد الاعتماد عليها أكثر في أعقاب الحرب العالمية الثانية، أو في مرحلة إعمار ما دمرته هذه الحرب، ومع الوقت ارتفعت محورية المشاريع الصغيرة والمتوسطة على ساحة الدول التي انتصرت في الحرب المشار إليها، حتى تلك التي انهزمت فيها.
وتعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة أحد القطاعات الاقتصادية التي تستحوذ على اهتمام كبير من قبل العالم والمنظمات الدولية والإقليمية كافة في ظل المتغيرات والتحولات الاقتصادية العالمية، وذلك بسبب دورها المحوري في تحسين إنتاجية وتوليد وزيادة الدخل وتوظيف العمالة بمختلف مؤهلاتها والابتكار والتقدم التكنولوجي.
وفي هذا الاتجاه، حققت اليابان قفزات نوعية على صعيد الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفي الواقع هي من الدول الأكثر اعتمادا على هذه المشاريع، والأكثر تقديما للتسهيلات لها، وهذا البلد الذي خرج مهزوما من الحرب العالمية الثانية، وانطلق نحو آفاق البناء والتنمية والإنتاج، معتمدا بصورة كبيرة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، والأمر يتشابه على ساحات الدول الكبرى الأخرى.
وحتى في أعقاب استكمال مرحلة بناء الاقتصاد العالمي، اتخذت الدول المانحة، ولا تزال، إجراءات من أجل دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول النامية، فهي تعتقد أن ذلك يزيد من صلابة التنمية فيها، خصوصا أن كثيرا من الدول المانحة وفرت تسهيلات لمنتجات هذا القطاع للوصول إلى أسواقها بحرية ودون قيود جمركية أيضا. وعلى منوال التجربة اليابانية، خرجت إلى العالم تجارب دول مثل البرازيل والهند وكوريا الجنوبية، ونيوزيلندا من أوروبا، ويمكن أن نصف ونعد أن التجربة كانت ناجحة على مستوى القارة الآسيوية بكل المقاييس، حيث ظهرت دول تتحدى الدول المتقدمة اقتصاديا وصناعيا في هذا الشأن.
وهذا يعكس بالفعل محورية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد هذه المشاريع على الساحة العالمية يصل إلى أكثر من 400 مليون مشروع، وهي الميدان الأكبر لتوفير الوظائف وفرص العمل على كل المستويات، وتستوعب من 60 إلى 70 في المائة من التوظيف عموما. وتشير الإحصائيات المختلفة، إلى أن النسبة الأكبر من الشركات الكبرى، تعتمد على ما بين 50 و90 في المائة من إنتاجها على هذه المشاريع.
والاعتماد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يبعد عنها أعباء مالية كبيرة، ويوفر بدوره سوقا مضمونة لمنتجات الشركات الكبرى. وبحسب التجربة اليابانية في هذا المجال، تتلقى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الدعم الحكومي عبر عدة طرق، منها توفير التمويل اللازم بقروض ميسرة أو حتى بلا نسب فائدة نهائيا، وكذلك إلزام الشركات التي تحصل على مناقصات حكومية، أن يكون نصيب الشركات الصغيرة والمتوسطة ليس بأقل من 30 في المائة من قيمة المناقصة.
دون أن ننسى، أن الرعاية الحكومية لهذه الشركات في كل مكان، توفر لها أيضا مناعة من الإفلاس. والحكومات التي تدعم هذه الشركات، تقوم في الواقع بتحفيز حراكها على صعيد توفير فرص العمل، بمعنى آخر تسهم في خفض معدلات البطالة لديها. فهذا النوع من الشركات، يشكل ما نسبته 95 في المائة من المشاريع في العالم، ويسهم في دعم مسيرة النمو في كل الاقتصادات دون استثناء.
المشاريع الصغيرة والمتوسطة تبقى المحور الرئيس للتنمية في كل مكان، لأنها ترفع حقا من حجم الناتج المحلي الإجمالي، عبر زيادة حجم الصادرات، وتحسين القوة التنافسية، من خلال زيادة النشاط الاقتصادي، وبالتالي فهي محورية خارج بلادها وداخلها، عن طريق توفير فرص العمل وتخفيف حدة البطالة، ورفع حراك الإبداع في كل الميادين.
وعبر تقديم الدعم المناسب، ربما تعزز الشركات الصغيرة والمتوسطة التعافي الاقتصادي، ويمكن للحكومات استغلال هذه الفرصة، وتعزيز استدامة المالية العامة في الأجل الطويل.