▪︎ مجلس نيوز
قرأت خبر في جريدة الشرق الأوسط يوم الأربعاء بتاريخ 16 رمضان 1442 الموافق 28 أبريل 2021 مفادها أن بايدن يستعد لإعلان ” ضريبة الأثرياء” حيث سوف يكون هناك زيادة ضريبية على مكاسب الأشخاص الأكثر ثراء من أجل دفع تكاليف خطته الجديدة لمساعدة العائلات الأمريكية. وسوف ترتفع معدل الضريبة من 20 الى 39.5 في المائة. علما أن الدول المتقدمة عملت على زيادة الإيرادات الضريبية على رؤوس الأموال والثروات وأصحاب الدخول العالية ومثال على ذلك يبلغ سعر الضريبة بالدنمارك بواقع 62% وفي الصين 45% وفي البرتغال 42% وفي باكستان 35% وفي فنزويلا 34%.
عندما تفرض أي دولة نظام ضريبي فإن له عدة أهداف وهي تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. تعد ضريبة الدخل هي من ضمن الضرائب المباشرة ومثال ذلك أن تملك ثروة معينة أو تمارس مهنة أو خدمة تدر دخلًا. ويوجد هناك نوعين من الضرائب المباشرة وهما ضرائب على الدخل حيث تفرض على الأموال عند اكتسابها أي عند دخول الأموال في ذمة الشخص الطبيعي والنوع الآخر وهي ضرائب على رأس المال حيث تفرض على الأموال عند تملكها أي بعد حيازة الشخص الطبيعي للأموال وتكوين ثروة منها.
لقد تم تعريف الضريبة بأنها ” اقتطاع مالي إجباري، غير عقابي، تحدده الدولة، ويلزم الأشخاص الطبيعيون والاعتباريون بأدائه للدولة بصفة نهائية، وبدون مقابل خاص ومباشر، وذلك تمكينا للدولة من أداء وظائفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
من المعروف أن عدد الأثرياء بأمريكا هم الأكثر عددًا مقارنة بالأثرياء بالعالم ويصنفون على حسب الفئات وفقًا للثروة. أما بخصوص معايير تصنيف الثروات فهي:
1) متوسط الثروة ” لديهم أصول قابلة للاستثمار بأكثر من 100 ألف دولار أمريكي”
2) الأفراد من ذوي الثروات العالية ” لديهم أصول قابلة للاستثمار بأكثر من 1 مليون دولار أمريكي”
3) الأفراد من ذوي الثروات العالية جدًا ” لديهم أصول قابلة للاستثمار بأكثر من 5 مليون دولار أمريكي”
4) الأثرياء جدًا ” لديهم أصول قابلة للاستثمار تزيد عن 30 مليون دولار أمريكي.
وقدر تقرير الثروات العالمية لعام 2018 الذي نشرته مؤسسة كاب جيميني (Cap emini) قيمة الأصول المدارة لصالح الأفراد من ذوي صافي الأرصدة الضخمة بما يتجاوز 70 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل ثروات الأفراد ذوي الأرصدة الضخمة إلى 100 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2025.
بالنسبة لضرائب الدخل تتكون من نوعين وهي الضريبة العامة على الدخل والضرائب النوعية. وفي العادة تبدأ كضرائب نوعية وبعدها تتجه الى ضريبة عامة مع تزايد متوسط دخل الفرد وتزايد كفاءة الإدارة المالية.
بخصوص الضريبة العامة على الدخل فهي في الدول الرأسمالية مثل أمريكا فيوجد لديها خبرة في الإدارة الضريبية وكفاءة عالية وأيضًا ارتفاع مستوى الدخل. أما الضرائب النوعية على الدخل فتكون في الدول الأخرى من العالم والتي لديها إدارة مالية على مستوى متوسط مثل مصر. من الطبيعي عند إصدار أي نظام ضريبي في أي بلد لابد أن يمر بمراحل وتعديل خلال السنوات حسب الظروف الاقتصادية ويكون هناك إصدار قوانين معدلة أو مكملة للسابق لأن القوانين التي تم إصدارها في الماضي بنيت على وضع واقتصاد مختلف.
السؤال هنا هل من الممكن تطبيق ضريبة على الأثرياء جدًا بالمملكة العربية السعودية؟
المتابع للشأن الاقتصادي السعودي وخاصة لقاء سمو ولي العهد بمناسبة مرور خمس سنوات على انطلاق رؤية 2030 حيث تكلم سمو ولي العهد عن عدة نقاط ومن ضمنها ضريبة الدخل حيث قال “لا يوجد هناك ضريبة على الدخل” انتهى – وعلى الأقل لا يوجد ضريبة على الدخل بالمنظور القريب لكن الاحتمال كبير ووارد بالمستقبل القريب ولو كبداية تدريجية على شرائح معينة من الدخل.
يرى فريق من المتابعين الماليين انه ولتحقيق العدالة الاجتماعية يجب فرض ضريبة على الأثرياء جدًا بالمملكة ولو بنسبة 3% حيث ان هذا النوع من الضرائب على فئة معينة من الشعب تكون ملاءمة لتطبيقها ويتحدد مقدار الضريبة المستحقة من خلال تطبيق سعر معين قد يكون نسبيًا أو تصاعديًا، بالطبقات (الفئات) أو بالشرائح (الأجزاء). ويعرف ( جاكى بريسبيوس) بأن العدالة الضريبية “هي التي تعمل على أن تكون منصفة وذلك بتوزيعها للعبء الضريبي بحيث يتحمل كل واحد جزءه العادل، وهي بالتالي أداة يتم من خلالها تقسيم عبئ النفقات العامة على كل الملزمين وتعمل على التخفيف من التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع”.
وأيضا يرى هذا الفريق أن هذا النوع من الضرائب يسهم في تحقيق أهداف معينة ومحددة كأهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية وتستخدم في تحقيق الاستقرار عبر الدورة الاقتصادية. وأيضا هذا النوع من الضريبة “ضريبة الأثرياء جدًا” تساعد الدولة على دفع تكاليف التعافي من الوباء وسد العجز في الموازنة العامة وكذلك مساعدة شريحة معينة من المجتمع وهي العائلات من خلال التركيز على الطفولة والأسرة والتعليم والصحة. يوجد بالمملكة شريحة كبيرة من الأثرياء جدًا من يملكون مئات الملايين ” مليارديرات” وقد دخلوا في قوائم الأكثر ثراء بالعالم.
يرى فريق آخر عكس ذلك، حيث يرون أن مثل هذه الضريبة على فئة معينة من المجتمع قد يساهم في عدة نقاط سلبية وهي:
1) هروب الأثرياء جدًا وكبار المستثمرين الى الخارج
2) تطبيقها سوف يحفز أصحاب الثراء جدًا على إخفاء دخلهم وممتلكاتهم التي ستكون الأساس لفرض ضرائب على ثرواتهم
3) سوف يكون لها أثر سلبي على الاقتصاد بالمملكة.
4) أن سعر الضريبة الذي تم تطبيقه في دولة ما (أمريكا) مناسبا لها ويحقق الأهداف المالية والاجتماعية ولكن تطبيقه في دولة أخرى (المملكة) لا يتناسب مع ظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
أخيرًا، تأخذ الضريبة على دخول الأشخاص الطبيعيين أحد شكلين وهي: أما تخضع لضريبة موحدة، بحيث تفرض ضريبة واحدة على الدخل المتولد من مختلف المصادر بعد خصم جميع التكاليف اللازمة للحصول على الدخل، وإما أن تخضع لضرائب نوعية تتعدد بتعدد مصادر الدخل. وتعد الإيرادات الضريبية كعامة (ضرائب مبيعات او ضرائب ورسوم جمركية، القيمة المضافة) هي أهم مصادر تمويل الموازنة العامة للدولة حيث انها تمثل مورد حقيقي يسهم في تمويل الإنفاق الحكومي في مختلف المجالات. لا شك أن الضرائب تعد من أهم أدوات السياسة المالية التي تستخدمها الدولة لتحقيق أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار البعد الاجتماعي.
فالضريبة كفكرة هي شكل من أشكال إعادة توزيع الدخل حيث يتم توجيه حصيلة الضرائب على الإنفاق العام عن طريق تقديم الدعم النقدي أو العيني لمحدودي الدخل والإعانات للعاطلين عن العمل وكذلك التعليم والصحة والإسكان وغيرها من الأمور التي تساعد على إعادة توزيع الدخل والتخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية.