▪︎ مجلس نيوز
تجاوزت أسعار النفط أمس مستوى 70 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ آذار (مارس)، وسط آمال في تعافي الطلب بعد استئناف الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا، لكنها عادت لتهبط أكثر من دولارين خلال التعاملات.
ويكبح المكاسب السعرية استمرار ارتفاع وتيرة الإصابات الجديدة بالوباء في آسيا، إضافة إلى زيادة المعروض النفطي العالمي، سواء من مجموعة “أوبك+” أو الدول المعفاة أو خارج المجموعة بعد تعافي الأسعار.
وفي سياق متصل، عقدت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، الاجتماع الإحصائي السنوي الـ20- عبر الفيديو كونفرنس- بحضور ممثلين من الدول الأعضاء وقد ناقش الاجتماع- الذي استمر يومين- تبادل البيانات والمعلومات بين الدول الأعضاء في “أوبك” وسكرتارية المنظمة بهدف دعم جهود المنظمة المستمرة في جمع وتحليل ونشر بيانات موثوقة ودقيقة وكاملة وفي الوقت المناسب لتعزيز الشفافية وتقديم رؤية أفضل للصناعة.
وقال تقرير للمنظمة إنه بالإضافة إلى دعم عملية صنع القرار تستخدم البيانات، التي تم جمعها خلال الاجتماع لإثراء إصدارات “أوبك” الرئيسة بما في ذلك النشرة الإحصائية السنوية، التي تقدم مجموعة واسعة من البيانات حول صناعة النفط والغاز في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى المؤشرات الاقتصادية الرئيسة، التي تعمل كمصدر رئيس للمعلومات الموثوقة والدقيقة لواضعي السياسات والمتخصصين في الصناعة ومعدي البحوث والأكاديميين بهدف تقديم بيانات عن الإنتاج والطلب والواردات والصادرات وأنشطة الاستكشاف والنقل وغيرها، لافتا إلى أنه من المقرر إطلاق الإصدار 56 من النشرة الإحصائية السنوية في 30 حزيران (يونيو) المقبل.
وفي السياق نفسه، يقول لـ”الاقتصادية” مختصون ومحللون نفطيون إن ارتفاع أسعار نفط برنت جاء مدفوعا من تزايد التفاؤل بشأن توقعات الطلب في دول محورية في الاقتصاد العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة إضافة إلى وجود مؤشرات قوية على تلاشي فائض المخزونات وتخمة الإمدادات، التي تراكمت العام الماضي بسبب اندلاع الجائحة.
وتوقع المختصون أن الوضع الوبائي فى الهند سيتم السيطرة عليه قريبا، وهناك حالة من التفاؤل المستمر بقرب تجاوز الأزمة، وقد ظهرت مؤشرات إيجابية تتمثل في أن أكبر شركة تكرير في الهند بدأت في إجراءات شراء الخام لأول مرة منذ شهر.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية إن قفزة الأسعار فوق 70 دولارا جاءت مفاجأة غير متوقعة- على الرغم من معاودة الهبوط- وهي مؤشر على تعافي السوق بوتيرة تفوق التقديرات والتوقعات المسبقة، لافتا إلى أن خام برنت ربح ما يصل إلى 1.1 في المائة، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ الثامن من مارس الماضي.
وأشار إلى أن المعنويات الإيجابية تهيمن على سوق النفط حاليا، وأدت إلى مكاسب قوية، خاصة في العقود الأجلة، ما يعني أن آفاق التوقعات الإيجابية واستمراريتها مرجحة بقوة، حيث تجاوزت العقود الآجلة للخام الأمريكي لفترة وجيزة 67 دولارا للبرميل.
ومن جانبه، يقول روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات إن انتعاش الطلب قاد إلى مسيرة صعود قوية للأسعار وسط تزايد الآمال في قرب السيطرة الكاملة على الوباء خاصة بعدما أظهرت صناعة الطيران المتعثرة حاليا علامات مبشرة على الانتعاش تحديدا في الولايات المتحدة وأوروبا، بينما في المقابل يكبح المكاسب الانتشار المستمر للفيروس في عدة دول في آسيا وعلى رأسها الهند.
ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار يلقى مقاومة أيضا من عودة تشغيل خط الأنابيب الأمريكي “كولونيال” والذي أدى إلى هدوء وتيرة صعود حادة سابقة في الأسعار منوها إلى أن التجار متفائلون بشأن آفاق صيف صعودي، حيث يعود الاستهلاك مرة أخرى مع إعادة فتح السفر، موضحا أن ضعف الدولار يساعد على مزيد من المكاسب للنفط، وفق العلاقة العكسية بينهما إلى جانب التوقعات الإيجابية لبنوك الاستثمار الأمريكية وأبرزها “جولدمان ساكس”، الذي يرجح أن يصل سعر البرميل إلى 80 دولارا في النصف الثاني من العام الجاري.
ويرى، ماركوس كروج كبير محللي شركة “إيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز أن موجة المكاسب السعرية للنفط الخام قد تستمر بقوة في الأسابيع المقبلة بفعل الآمال في ارتفاع الطلب العالمي بالتزامن مع ضعف الدولار الأمريكي، إضافة إلى تأثير بعض التقارير الدولية، التي تلعب دورا كبيرا كمحركات للأسعار، منوها إلى تأكيد أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية أن فائض المخزونات النفطية، التي تراكمت منذ بدء الوباء، قد تلاشى بالفعل حاليا.
وأشار إلى أن تعافي الطلب على النفط الخام في الولايات المتحدة نجح في تعويض تفشي فيروس كورونا في أجزاء من آسيا وبث حالة تفاؤلية في الأسواق خاصة مع تسارع تلقي التطعيمات، حيث أقبل المسافرون على المطارات، وذلك في أعلى مستوى منذ بدء الوباء، منوها إلى الثقة في التأثير الإيجابي لمزيد من عمليات إعادة الافتتاح في أوروبا واقتراب حركة السفر من استعادة المستويات الطبيعية.
وبدورها، تقول جولميرا رازيفا كبير المحللين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان إن ضغوط ضعف الطلب الآسيوي في الهند وسنغافورة وتايوان كانت قوية، ولكنها لم تحول دون ارتفاع أسعار النفط الخام بما يزيد على 4 في المائة، حتى الآن خلال هذا الشهر كما كبح مكاسب أوسع توقعات تنامي المعروض النفطي، خاصة في ضوء احتمالات التوصل إلى تسوية بشأن العقوبات الأمريكية على كل من إيران وفنزويلا.
وأشارت إلى أن انتعاش السفر وزيادة الطلب على الوقود ينبئ باستهلاك أوسع للطاقة في فصول الصيف خاصة مع استعداد كثير من شركات الطيران الأمريكية لتشغيل 80 في المائة، من جداولها السابقة قبل انتشار الوباء.
ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، انخفضت العقود الآجلة للنفط نحو دولارين، إذ سجل خام برنت خلال تعاملات أمس، 67.28 دولار للبرميل، بينما سجل الخام الأمريكي 64.30 دولار للبرميل.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت في بداية التعاملات فوق مستوى الـ 70 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ آذار (مارس) الماضي، إذ عوضت الآمال في تعاف قوي للطلب على الوقود بعد استئناف أنشطة اقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا إثر المخاوف بشأن انتشار حالات الإصابة بكوفيد-19 في آسيا.
واستؤنفت أنشطة اقتصادية في بريطانيا الإثنين مما أعطى 65 مليون شخص قدرا من الحرية بعد إغلاق لمدة أربعة أشهر بسبب كوفيد-19. ومع تسارع معدلات التطعيم، خففت فرنسا وإسبانيا القيود، وفتحت البرتغال وهولندا المجال أمام نشاط السفر.
وفي الولايات المتحدة، لم تعد ولاية نيويورك تشترط وضع الكمامات في معظم الأماكن العامة بالنسبة للأشخاص، الذين تلقوا جرعات التطعيمات ضد كوفيد-19 بالكامل بدءا من الأربعاء، كما تستأنف مناطق أخرى أنشطة اقتصادية فيها.
وفي الهند، ثاني أكثر الدول تضررا من الجائحة، أظهرت بيانات أولية الإثنين أن المبيعات المحلية لمصافي التكرير الحكومية من البنزين والديزل تراجعت بمقدار الخمس في النصف الأول من أيار (مايو) مقارنة بالشهر السابق، إذ أثرت إجراءات الإغلاق المرتبطة بالجائحة على الأنشطة الصناعية والاستهلاك.
ومن جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 67.52 دولار للبرميل الإثنين مقابل 66.16 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” الثلاثاء إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة وأن السلة كسبت بضعة سنتات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 67.1 دولار للبرميل.