▪︎ مجلس نيوز
يمكن للتوترات الجيوسياسية وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط أن تكون ذات تأثير عالي التكلفة على الاقتصاد الوطني في حال لو لم تعتمد استراتيجيات استباقية لتعزيز نمو مُحكم له وخاصة قطاعه غير النفطي لمواجهة كافة أنواع التحديات، وهذا العام وبالرغم من التوترات الحاصلة ومع الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة، جاءت التوقعات الدولية والوطنية بأن اقتصاد المملكة في طريقه لتحقيق نسبة نمو اقتصادي جيدة في عام 2024 وبآفاق نمو وتنمية مستقبلية واعدة.
الاقتصاد الوطني غير النفطي اليوم وكنتاج لاستراتيجيات نوعية وضعت قبل ثمان سنوات (رؤية المملكة 2030) استطاع أن يقف في مواجهة تحديات مفصلية – ومازال – ذات تأثير ضاغط عليه، فاقتصادات العالم مازالت تشهد تباطؤاً في النمو ومعدلات تضخم وأسعار فائدة مرتفعة، مما يؤثر على الطلب للسلع والخدمات السعودية، وبالرغم من ذلك يستمر القطاع غير النفطي في تقديم نتائج إيجابية.
كما أن تفاعل الأسواق المالية بالتقلبات العالمية المؤثرة على الاستثمارات والتمويل، واجهتها المملكة كعادتها بتبني سياسات مالية حذرة لكي تكون مستعدة للتعامل مع أي مفاجئات، وقد أثبت القطاع المالي السعودي قوته وخصوبته ومرونته، حتى أمام تأثيرات سياسة الفائدة الأمريكية فيما يخص الرفع أو الخفض لأسعار الفائدة ذات التأثير الدولي.
من هنا، ومع التزام المملكة بمبدأ التنوع الاقتصادي والابتعاد بقدر الإمكان عن النفط كالمورد الأوحد للدخل والذي نجح بامتياز، أخذ النمو الاقتصادي في الارتفاع نتيجة الاستثمارات المحلية، ويعد – على سبيل المثال – الطلب المتزايد في عدة قطاعات مثل السياحة والعقارات والنقل والتعدين والتصنيع أمثلة حية للمحركات الاقتصادية غير النفطية، وليكون بمثابة الحافز الرئيس لزخم نمو اقتصاد المملكة.
إضافة إلى ما ذكر، المملكة نجحت في أن تحتل مركزا متقدما جدا عالميا في مجال الجيل الخامس في شبكات الاتصالات وإنترنت الأشياء، وهذا يعكس جديتها في ألا تكتفي بما حقق من إنجازات، ولكن الاستمرار في حراك تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الابتكار التكنولوجي، بغية زيادة إنتاجية القطاع الخاص وفتح أبوابًا لصناعات جديدة، وجعل التجارة الدولية أسهل وأكثر فعالية، مما يمكِّن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم – على وجه الخصوص – الوصول إلى الأسواق العالمية بشكل أفضل، وهذا يفسر سبب الاستثمار الوطني الجاد في البنية التحتية التكنولوجية لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على التنافس وجذب الاستثمارات، ولتفتح آفاقًا جديدة للنمو والازدهار، والتركيز على مبدأ الاكتفاء الذاتي في الصناعات الاستراتيجية المتنوعة كالعسكرية والصحية والغذائية.
الشواهد تشير إلى نمو قوي للاقتصاد السعودي في عام 2024 بفضل استمرار جهود التنويع الاقتصادي وتنفيذ مشروعات البنية التحتية الضخمة، كما جاء في تقارير العديد من المؤسسات الدولية المعتبرة مثل البنك الدولي الذي يتوقع نمو الاقتصاد السعودي غير النفطي بنسبة 4.1%، وكذلك صندوق النقد الدولي الذي أشار إلى نفس النطاق في تقديره.
أيضا، أتت تقارير المؤسسات الوطنية الراقية – مثل الأهلي المالية والجزيرة كابيتال – بتوقعات نمو القطاع غير النفطي بنسبة 4.4% هذا العام وبدعم من الإصلاحات الاقتصادية الجارية، وهذه التوقعات تتوافق مع تقدير وزارة الاقتصاد السعودية فيما يخص النمو المتوقع أن يكون في حدود ما بين 4 – 5%، وهذا يعزز من آفاق الاستثمار والتنمية في السنوات القادمة بمشيئة الله.