▪︎ مجلس نيوز
توصلت 130 دولة إلى اتفاق تاريخي الخميس، يفرض على الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى دفع حصتها العادلة من الضرائب، إلا أن الاتفاق لن ينجز قبل تشرين الأول (أكتوبر) مع استمرار الحاجة إلى بذل جهود إضافية لإقناع الدول المترددة والمتحفظة عنه.
ومن أجل إقناع الدول المتطورة التي اضمحلت عائداتها الضريبية، فضلا عن الدول الناشئة المشككة والدول التي استفادت من معدلات ضريبية منخفضة جدا، كان لا بد من حلول وسط، وفقا لـ”الفرنسية”.
وفيما ينص الاتفاق على ضريبة فعلية لا تقل عن 15 في المائة، أي أن المبلغ في الواقع يتم تحصيله ودفعه، ستبقى بعض الثغرات التي تسمح بخفضها.
وستتمكن الدول مع ذلك من تقديم حوافز لتشجيع الشركات على إنشاء مصانع إنتاج، كما ستتمكن الدول الناشئة من الاستفادة من إعفاءات منصوص عليها في معاهدات ثنائية.
والبند الضريبي المتعلق بإعادة توزيع العائدات على دول تزاول الشركات على أراضيها معظم أنشطتها، ستطبق فقط على نحو أكبر مائة شركة متعددة الجنسيات.
ولإرضاء دول ناشئة، تم الاتفاق على رفع عدد الشركات المشمولة بالبند بعد سبعة أعوام. ويعني ذلك أن دولا ناشئة ستتوقع الحصول على مزيد من العائدات الضريبية، ما ساعد في إقناع الهند، تركيا، والأرجنتين بالانضمام.
لكن تلك الترتيبات تعد غير كافية من جانب منظمة أوكسفام غير الحكومية لمحاربة الفقر، إذ عدت أن الاتفاق منحاز لمصلحة الدول الغنية.
غير أن باسكال سانت أمان أحد المفاوضين الرئيسين في الاتفاق، وهو مسؤول سياسات الضرائب في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي قال إن “الاتفاق جيد جدا للدول الناشئة، ويعود بفوائد مهمة عليها”.
والخطوة التالية ستكون اجتماع مجموعة الدول العشرين في 9 و10 تموز (يوليو)، وفيما يخفف الاتفاق الذي أسهمت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في التوصل إليه بعض الترقب، إذ إن جميع دول مجموعة العشرين وقعته، فإن الاجتماع يمكن أن يسهم في الحفاظ على الزخم السياسي.
وفيما حدد المشاركون في المفاوضات مهلة حتى تشرين الأول (أكتوبر) لاستكمال الجوانب التقنية وتحضير خطة تطبيق تصبح نافذة في 2023، فإنهم يريدون أيضا إقناع مشككين بالانضمام إليه.
ويمثل الكونجرس الأمريكي عقبة محتملة أخرى، إذ يعارض الجمهوريون الاتفاق ويمكن أن يفشلوه في مجلس الشيوخ.
وشاركت 139 دولة في المفاوضات، لكن تسعا لم توقعه هي، إيرلندا، المجر، إستونيا، البيرو، نيجيريا، كينيا، سريلانكا، باربادوس، وسان فنسنت وغرينادين.
وباستثناء البيرو التي امتنعت عن التوقيع بسبب أزمة سياسية داخلية، فإن الدول الأخرى تستخدم معدلات الفائدة المنخفضة لجذب الشركات المتعددة الجنسيات.
وتعتقد نيجيريا وكينيا أن الضمانات المقدمة للدول الناشئة غير كافية، وفق مصدر قريب من المحادثات. وقالت إيرلندا إنها تؤيد إجراءات إعادة توزيع الضرائب التي تدفعها شركات متعددة الجنسيات، على الدول التي تضم مقار تلك الشركات، لكنها تعارض الحد الأدنى للضريبة البالغ 15 في المائة.
وقالت المجر إن معدل ضريبة من 15 في المائة، عال جدا، ويمكن أن يضر بالنشاط الاقتصادي، أما فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في كانون الثاني (يناير)، فإنها تأمل في إقناع الدولتين إضافة إلى إستونيا بالانضمام للاتفاق ما يسمح للكتلة بتبني قانون بشأن ضريبة بحد أدنى.
وإذا كان اتفاق منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي يتضمن تفاصيل أكثر مما كان يؤمل، فهناك كثير من المسائل التي ينبغي العمل عليها.
وإحدى أكثر تلك المسائل الشائكة التي قد تكون معضلة في إقناع المترددين قد تكون معدل الضرائب بالتحديد، فنص الاتفاق يقول إنها “لا تقل عن 15 في المائة، لكن عديدا من الدول لا تريد نسبة أعلى”.
واحتساب مبالغ الضرائب التي يمكن إعادة توزيعها بحاجة إلى تفصيل، وكذلك بعض النقاط المتعلقة بالإعفاءات من معدلات ضريبة دنيا.
وتوصل وزراء المال في مجموعة السبع في حزيران (يونيو) الماضي، إلى اتفاق تاريخي يقضي بفرض ضريبة عالمية دنيا، 15 في المائة، على أرباح الشركات وتوزيع العائدات الضريبية بشكل أفضل للشركات المتعددة الجنسيات، خصوصا المجموعات الرقمية العملاقة، متعهدين بمعالجة ملف المناخ ومساعدة الدول الفقيرة على النهوض ما بعد الجائحة.
والقواعد الجديدة لا تستهدف الشركات في القطاع الرقمي وحده، بل تستهدف جميع الشركات متعددة الجنسيات.
ويستهدف الإصلاح شركات التكنولوجيا الكبرى ومعظمها أمريكية، التي تدفع ضرائب زهيدة على الرغم من الأرباح الكبيرة، التي تحققها وتصل قيمتها إلى عشرات حتى مئات المليارات من الدولارات، عبر إنشاء مقراتها في دول معدل الضريبة على الشركات فيها منخفض أو حتى معدوم.
وأشادت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، بـ”الالتزام غير المسبوق” من جانب دول مجموعة السبع. وقالت في بيان سابق، إن “هذا الحد الأدنى للضريبة العالمية سينهي سباق خفض الضرائب على الشركات”.
وقامت دول عدة بينها فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، وإسبانيا أصلا بتطبيق الضريبة الرقمية الخاصة بها بانتظار التوصل إلى اتفاق، لذلك تركزت المناقشات مع الولايات المتحدة أيضا على الجدول الزمني لسحب هذه التدابير الوطنية لمصلحة التعديل الدولي. ويكون من الضروري، بعد اتفاق في مجموعة العشرين، إقناع 140 دولة تعمل على مشروع الإصلاح الضريبي في إطار منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وكانت الولايات المتحدة قد اقترحت أولا ضريبة دنيا على الشركات 21 في المائة، قبل أن تخفضها إلى 15 في المائة، في محاولة لجمع تأييد عدد أكبر من الدول.