▪︎ مجلس نيوز
حول استباق التداعيات وتخفيف وطأتها أبرزت الجائحة مدى الترابط المتبادل على مستوى العالم. فالأحداث التي تقع في إحدى الدول يمكن أن يكون لها آثار هائلة عبر مختلف الدول. والتباعد بين مسارات التعافي يمكن أن يكثف آثار العودة إلى السياسات العادية. وسيتشكل المستقبل بناء على مصادر جديدة لهذه التداعيات، بما في ذلك السياسات الصحية، وتغير المناخ، والتحول الرقمي. وسيكون من الأهمية بمكان تحديد تداعيات الجوانب الاقتصادية والسياسات وتقييمها، وتقديم مشورة بشأن السياسات ترشد إلى كيفية تخفيفها واستباق حدوثها. ومن الممكن أيضا أن يتعزز التعاون الاقتصادي الدولي من خلال تحسين الحوار بين الدول المنتجة للتداعيات والدول المستقبلة لها.
تعزيز الاستدامة الاقتصادية:
ثمة حاجة إلى فهم الاستدامة الاقتصادية من منظور أشمل. فالحفاظ على الاستقرار المالي عبر الفترات الزمنية أمر ضروري لكنه غير كاف لتحقيق الاستدامة الاقتصادية. وذلك أن الاستقرار الاقتصادي يتأثر بالاتجاهات الديموغرافية، وعدم المساواة، والتطورات الاجتماعية – السياسية، وتغير المناخ، وستتم مناقشة هذه العوامل على أساس أكثر منهجية. وليس كل الاتجاهات متساوية في مدى إلحاح الحاجة إليها بالنسبة لكل الدول، وظروف كل بلد تحدد ما إذا كان تأثيرها بالغا في الاقتصاد الكلي.
منهج موحد في تقديم المشورة بشأن السياسات:
يتمثل التحدي الأساسي في الموازنة بين الأولويات المتنافسة رغم ضيق الحيز المتاح للمناورة. وأثناء الجائحة، بادرت الدول الأعضاء باستخدام طائفة متنوعة من أدوات السياسات في آن واحد. واقتضى ذلك عملية معايرة دقيقة وفهما عميقا لأوجه التكامل والأهداف المتضاربة.
وتختلف القضايا ذات الصلة عبر الدول والفترات الزمنية: فمثلا، من المهم للدول التي تواجه انخفاضا في الإنتاجية أن تراعي التنسيق بين سياسات المالية العامة والسياسات الهيكلية. أما في الدول التي تشهد تراكما في المخاطر المالية، فمن المهم للغاية إدماج القضايا الاقتصادية الكلية والمالية بصورة أعمق في التحليل.
وبالنسبة للدول التي تتعامل مع تدفقات رأسمالية وتسعى لمواجهة الصدمات الخارجية بشكل أفضل، فإن إطار السياسات المتكامل IPF، الذي يحدد خيارات السياسات والمفاضلات المتاحة لصناع السياسات، يقدم منهجا تحليليا لاختيار مزيج السياسات الملائم.
ويساعد تقديم مشورة موحدة بشأن السياسات على قيام صناع السياسات بمناقشة هذه الخيارات والإشارة إلى أوجه التضافر فيما بينها.
وحول معنى ذلك في الواقع العملي فإنه سيظل حوار السياسات مع أعضاء “الصندوق” ملتزما بالمتطلبات التي اعتمدها المجلس التنفيذي. وستظل مشاورات المادة الرابعة تقدم تقييما شاملا، وتغطي سياسة المالية العامة والسياسات النقدية والخارجية والمالية والهيكلية.
وستكون التقارير أكثر تركيزا، وأفضل إدماجا للجوانب المالية – الاقتصادية الكلية، وتقييم المخاطر والتخطيط للطوارئ، وانتقال التداعيات، وتنمية القدرات. وستساعد التكنولوجيات الجديدة وزيادة توافر البيانات على تحديث ممارسات مزاولة الأعمال وجعل الرقابة أوثق صلة بالسياق الجاري.
وستصبح المشورة بشأن السياسات أكثر تعمقا في التفاصيل وتركيزا على خصوصيات كل بلد. وينطبق هذا خصوصا على القضايا الجديدة والملحة التي ستحتاج إلى التعلم بين النظراء، ومنها سبل الحد من الندوب الاقتصادية أو تقديم دعم موجه للشركات. ومن التحسينات الأخرى ضمان استناد مشورة “الصندوق” إلى التحديد المبكر لقضايا السياسات المتقاطعة والدروس المستمدة من تجارب الدول الأعضاء.
إن مراجعة الرقابة الشاملة تمثل علامة فارقة، وهناك عمل كثير لا يزال في الانتظار بغية وضعه موضع التنفيذ. وسيكون التغيير تدريجيا. فرغم ملاءمة الأولويات لتحقيق مجموعة واسعة من النتائج المستقبلية، فإن الأحداث غير مؤكدة، وستطرأ صدمات غير متوقعة. و”الصندوق” مؤسسة تقوم على التعلم، فالاستعداد للتكيف والتجربة والتعديل هو حجر الزاوية لتقديم مشورة سريعة وفعالة للدول الأعضاء.